طبيعة التَّشكيل السَّردي في رواية "مدينة الله" الرَّسائليّة لحسن حميد

ظلَّ النَّثر في تطورٍ مستمر وتوالدت منه أَنواعٌ أَدبيّة كثيرة هيمنت عليها الرِّواية التي تحوَّلت إِلى جنس أَدبيٍّ؛ لتوفر الشُّروط اللازمة التي يحتاجها، وهذه الهيمنة والسُّلطة التي تمتعت بها الرِّواية جعلت منها حاضنة للأَنواع الأَدبيّة القريبة منها، ومنها: الرِّسالة التي شكَّلت مع الرِّواية جنسًا جديدًا أُطلِقَ عليه (الرِّواية الرَّسائليّة)، وتُشتق الرِّواية الرَّسائليّة من جنسين أَدبيين عريقين: أَحدهما قديم وهو الرِّسالة، وآخر حديث وهو الرِّواية؛ وعلى ذلك فإنَّ الرِّواية الرَّسائليّة نصٌّ سرديٌّ مكونٌ من مجموعة رسائل تسلكُ مسلكًا روائيًّا، وإنَّ خصوصيتها، تتجلى في كونها تفتقر إِلى الحوار بين الرَّاوي والمروي له، وتصف الأَفكار والمشاعر والأَحاسيس، وبدلًا من الصِّراع الذي يكون في حياة البطل نجد المَشَاهِد قد تَختزِل وتَعرِض بعض الذِّكريات، والافتتاحيات فيها غالبًا ما تكون أقصر عن تلك التي تُكتب في الرِّواية التَّقليديّة، ويستعمل الكاتب ضمير (الأَنا) مما يمكِّنه الولوج إِلى أَعماق الشَّخصيّة وأفكارها في العمل الأَدبيّ، وتُعطي للرَّاوي خيار الاحتفاظ ببعض التَّفاصيل لوقتٍ آخرٍ، ويقوم البحث على رواية "مدينة الله" لحسن حميد بعدِّها نموذجًا خالصًا يُمثِّل الرِّواية الرَّسائليّة ويُعطي تصوّرًا وافيًا عن الموضوع.