الفصل والوصل بين عبدالقاهر والسكاكي

الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على من اصطفى أما بعد:فإنّ العلم بالجمل ومواقع التراكيب وما یجب أن يصنع بها من العطف أو الاستئناف وإيقاع حروف العطف في مواقعها أو ترك العطف؛ من القضايا الجديرة بالاهتمام والعناية، على الرغم من وعورة مسالكها وصعوبة مسائلها، فقضية الفصل والوصل من أهمّ قضايا علم البلاغة، وقد بحثت في اللسانيات الحديثة في نظرية علم لغة النص، بل مَعْقد هذه النظرية قائم على الفصل والوصل شكلًا ومضمونًا، فعُني بها العلماء منذ البدايات الأولى لنشأة علم البلاغة؛ كما عني بها علماء إعجاز القرآن، وقد صرّحوا بجلالة قدر هذا الباب وصعوبة مسلكه وعظم فائدته، ومع تتابع البحث فيه فقد كان لعَلَمين من أعلام البلاغة القصب السبق في توسيع مباحثه وبيان وظائفه، وهما عبدالقاهر الجرجاني والسكاكي، فاقتضى البحث أن نبيّن هذا الموضوع ضمن مسار التفكير البلاغي عندهما تقريبًا لفهم هذا الباب، فإنّ من استوعب الفصل والوصل في مباحث عبدالقاهر الجرجاني والسكاكي سهل عليه الباب.فجاء هذا البحث بعنوان (الفصل والوصل عند عبدالقاهر والسكاكي) وتضمّن تمهيدا تناول فيه تعريفا بمفهوم الفصل والوصل وذكر مقولات السابقين وتعريفاتهم لهذا الفن البلاغي، وبعد ذلك بحث أبرز الموضوعات الموصولة بالفصل والوصل، من العطف وأدواته وفائدته ومواقع إيجابه وسلبه، ثم أجرى مقارنة في أهم ما بحثه عبدالقاهر والسكاكي في هذا الباب، وبيان وجوه التوافق والخلاف بينهما من حيث المفهوم ومن حيث المنهج، فضمن أربعة محاور، فجاء المحور الأول للبحث عن الفصل والوصل مفهومه وأهميته عند عبدالقاهر الجرجاني والسكاكي، والمحور الثاني بحث مخالفات السكاكي لعبدالقاهر في المنهج والأداة، وفي المحور الثالث تطرق البحث إلى مخالفات السكاكي لعبدالقاهر في التوابع، أما المحور الرابع فتضمن أبرز قضايا الفصل والوصل عند عبدالقاهر والسكاكي، مع ذكر أهمّ النتائج التي توصل إليها البحث .