العجائبي في المرجعيات الأسطورية -نماذج مختارة من الشعر الجاهلي-

تشكل العجائبية بشكل عام خرقاً للتقليد السائد والقوانين الطبيعية المتعارف عليها بجميع مرجعياتها، إذ تعد المرجعيات الأسطورية من أهمها وأكثرها تمثلاً بملامحها في الشعر الجاهلي، وأن الشاعر الجاهلي لم يكن على وعي في توظيف تلك الأساطير، بل هي بقايا لمعتقدات وطقوس وعادات وتقاليد تسربت من اللاوعي الجمعي، ثم أُفرغت في الشعر لتظهر بشكل مخالف للمألوف كونها نافذة رئيسة وباباً مهماً للولوج إلى العالم العجائبي بكل ما فيه من دهشة وغرابة ومخالفة للمألوف، والذي يحتاج إلى قراءة عميقة للنصوص من أجل سبر أغوارها والوصول إلى تأويلات ورؤى جديدة للواقع الذي يحاكيه الشاعر، إذ لا تخرج رحلة الصيد والصراع الحيواني التي لم يفارقها الكثير من الشعراء الجاهليين وغيرها من الصور ذات الملامح الأسطورية، فنجد الشاعر يمارس سلطته على والواقع الذي يعيشه من خلال النص فتتشكل الصور الأسطورية بلغتها ومنطقها الخاص عندما تنزاح عن الصور الأسطورية المخزونة في لا وعي الشاعر ليقدمها بشكل مغاير، وهنا يلتقي الأسطوري بالعجائبي إذ كلاهما يشتغلان على اللامألوف ليشكل رؤية مغايرة للواقع الذي يحاكيه الشاعر ومن ثمَّ يميط اللثام عن مكبوتاته التي لا يستطيع الإفصاح عنها.