التشظي العلاماتي في عروض ما بعد الحداثة (تموج الفراشات انموذجاً)

تُعد العلامة التؤام الملازم للحياة منذ الازل، اذ لا تخلى حياتنا اليومية من العلامات والإشارات والرموز الواضحة والمشفرة وغيرها، فكل شيء يحمل في طياته دلالةً ما تحيل الى مدلول معين مباشر او غير مباشر، والمتفحص لتلك العلامات يجد فيها معانٍ عديدة، ويمكننا من علامة لإخرى ان ننطلق الى مجرة علاماتية ذات سيرورة لا تتوقف عند حد بعينه. وتأتي العلامة على اشكال عديدة، اذ توجد علامات لا تقبل القسمة على اثنين، وتوجد علامات دينامية متحركة لاتستقر في الذهن ولا تتوقف عند حد معين، وتسمى في الغالب بالعلامات المتشظية، ومن هنا نرقب ان بعض الفنون بدأت تبتعد عن مبدأ المباشرة الذي يعمل على خلق متلقي جامد الفكر منغلق الخيال لا يقوى على التوغل في عوالم التأويلات المبهمة التي تتيح له خيارات عديدة وحرية مطلقة في رسم الصورة الذهنية لديه، وعلى وفق ذلك تأسست الجماليات الفنية التي تنتمي لأساليب (ما بعد الحداثة) بسمة التشظي والتفتيت العلاماتي، ومما يعد احد اهم الركائز الأساسية للمقومات الجمالية لما يخلقه من تساؤلات وتأويلات مفتوحة في ذهن المتلقي والمتذوق للفن، تلك التي تخلق حالة من التشويق والإبهار الذي ينتج عن عملية الإلغاز والغموض الذي يؤسس لإحداث التحدي الذهني لدى المتلقي، فضلاً عن كونه إعلان صريح للتمرد على مجمل الجوانب كالمضمون الحياتي والقالب الفني على السواء، ومنا هنا وجد الباحث إمكانية دراسة التشظي العلاماتي في عروض ما بعد الحداثة، واتخذ الباحث من عرض تموج الفراشات انموذجاً للدراسة، ليطبق عليها ما خرج به من مؤشرات لذلك التداخل الفني - على المستوى التنظيري - الذي حاكم العينة في التحليل على - المستوى التطبيقي – وتم توضحيه تفصيلياً في نتائج البحث واستنتاجاته.