الصراع بين القادة الاتراك في العصر العباسي 227-334هـ/842-946م
الملخص
إتسم العصر العباسي الثاني غالبا بضعف سلطة الخلفاء العباسيين، وبروز سلطة القادة ورجالات الحاشية المحيطة بهم. وكان للحكم الوراثي في الدولة العباسية دورُ كبير في ذلك، الذي أدى الى التنافس بين أبناء الاسرة العباسية، وأبرزها بين الخليفة الامين(193-198هـ/809-813م) وأخيه المأمون (198-218هـ/813-833م)على منصب الخلافة، ومن أجل دعم قوتهم، لجأوا الى الاستعانة بقوات تدعمهم، فقد اعتمد المأمون على قوة الفرس، ذلك أن والدته كانت منهم ولأن إدارته وعيشه كان في مناطقهم، أما الامين فاعتمد على دعم مركزه بالعنصر العربي لبقائه في بغداد، فاصبحت هناك قوتان مختلفتان دخلت في الصراع الداخلي بين العباسيين. وبعد مجيء أخوهم المعتصم الى الخلافة (218-227هـ/833-842م) فكر في الاعتماد على قوة تسنده في السيطرة على الاوضاع، وأبعد الفرس وكذلك العرب عن مخططاته لبناء قوة عسكرية قريبة منه، فاعتمد على الترك الذين كان يربطه معهم صلة النسابة كون والدته تركية، وكذلك والاهم لقدرتهم القتالية العالية، وهم المعروفون من بين الامم في ذلك الوقت بالفروسية والقتال فلجأ اليهم، وشكل جيشاً خاصاً منهم في بغداد ومن ثم سامراء لاسيما بعد ظهور العديد من الثورات والقلاقل في تلك الفترة، وتمكن فعلا وبمقدرة هؤلاء على كبح العديد من تلك القوى المؤثرة لاسيما حركة بابك الخرمي 201-222هـ/816-837م وحققت كذلك إنتصارات ملموسة على جبهة الروم. نظرا للدور الذي أداهُ الاتراك في الدولة من الناحية العسكرية، فقد وصلوا الى أعلى المراتب وأصبحوا أصحاب النفوذ فيها. بسبب استمرار التنافس من أجل منصب الخلافة لذا التجأ اليهم أبناء الاسرة العباسية الحاكمة. ازداد نفوذ القادة الاتراك في الدولة بصورة واضحة، بعد وفاة الخليفة الواثق ابن المعتصم (227-232هـ/842-847م) وعدم اختياره خليفة من بعده، جعل الامر في أيدي القادة الترك، في اختيار الخلفاء. مهد هذا الامر أن ينافس قادة الاتراك بعضهم بعضاً يوما بعد يوم من أجل الوصول والتحكم بقرارات الخلافة وموراد الدولة، بل إن أولادهم من بعدهم توارثوا أيضا الصراع مع غيرهم من أبناء قادة الاتراك، فاصبح التصارع والتنازع صفة هذا العهد لغاية سنة 334هـ/945م حيث إنتهى تأثيرهم.