خلال بحثنا واستقراءنا لشعر أبی فراس الحمدانی, وجدنا کثرة توظیفه لتقنیة الاسترجاع فی أشعاره, ذلک الاسترجاع جاء مصطبغاً بصبغة صدق العاطفة التی یحملها الشاعر تجاه کلِّ ما تعلق به فؤاده, إذ وظَّف هذه التقنیة لاسترجاع أهم لحظات السعادة والألفة مع حبیبه, وأهله وناسه. وقبل أن یؤسر الشاعر کان یوظف تقنیة الاسترجاع لتذکر لحظات اللقاء مع حبیبه, وما دار بینها من طیب اللقاء ولذته, وفیء أسره انفجرت ینابیع عواطفه صوب کل ما یثیر فی نفسه الراحة والطمأنینة بعیدا عن وحشة وغربة الأسر. وعندما وقع الشاعر أسیراً عند الروم أکثر من توظیف هذه التقنیة لاسترجاع أهم لحظات الحریة المکتنزة بکلَّ ما هو جمیل وقریب إلى روحه وقلبه وعواطفه, إذ نراه یسترجع لحظات اللقاء مع الحبیب الذی فارقه, ویسترجع ذکریاته مع "سیف الدولة" التی اتسمت بطابع المودة والألفة, محاولاً بذلک أن یرقق قلب "سیف الدولة" وتذکیره بما یَکن له من محبة ثابتة, وعاطفة صادقة لا تغیرها مصائب الزمن.الظروف المحیطة بالشاعر فی حاضره کان لها دور کبیر فی تأجیج عواطفه, ورجوعه صوبه ماضیه یغترف من طیب منهله ما یروی عطشه فی حاضره الذی وجده مختلفا عن ذلک الماضی.کان للمشیب دور مهم فی تأجیج عواطف الشاعر للرجوع صوب الماضی المتمثل بالشباب والقوة؛ لمواجهة عنت المشیب المتمثل بنفور النساء منه, وفقدانه للحیویة والنشاط.