دیوان الجند فی عصر الخلیفة المتوکل على الله
الملخص
فی عام 232هـ توفی الخلیفة الواثق، دون أن یترک وراءه ولیا للعهد. ولما کانت وفاته هذه فجائیة، فإن الأذهان لم تکن قد تهیأت لتحدید هویة الخلیفة الجدید. فاجتمع وجوه الدولة: احمد بن أبی داوود – قاضی القضاة – وایتاخ ووصیف – وهم من قادة الجند من الأتراک – وعمر بن فرج الرخجی وعبد الملک بن الزیات واحمد بن خالد أبو الوزیر – وهما من کبار المسؤولین الإداریین – وبذلک اصبح جهاز الدولة – القضائی والعسکری والإداری – ممثلا فی هذا الاجتماع. ویظهر أن الآراء لم تکن متطابقة بشأن من سیقع علیه الاختیار. فقد توجهت أنظار البعض إلى ابن الواثق لیتولى المنصب الشاغر. بید أنهم لما جاؤوا به لیلبسوه لباس الخلافة، إذا هو صغیر قصیر لا یملأ العین. وربما أشار ذلک إلى مدى ضعفه وعدم قدرته على الإمساک بزمام الأمور وفرض هیمنته علیها، ومثل هذه الحالة لا بد أن تفتح أبواب النزاع والخلاف بین الأطراف المختلفة على مصاریعها، دون أن تکون هناک قوة مرکزیة حقیقیة یمکنها ضبط هذه الخلافات وتحجیمها عند الحاجة، وبما لا یجعل الأمور منفلتة الزمام. هنا ارتأى وصیف – وهذه نقطة مهمة لکونه من قادة الجند – ارتأى البحث عن شخص آخر لیتولى هذا المنصب. وبعد مداولات طویلة استقر الرأی على جعفر بن محمد بن هارون الرشید لیکون هو الخلیفة. وربما ظن القادة الأتراک ومعهم قاضی القضاة أن هذا الاختیار سیحقق لهم مصالحهم . حیث توجه بغا الشرابی إلى جعفر لیبلغه بضرورة حضوره إلى دار الخلافة لیکون أمیر المؤمنین الجدید. فحضر الدار وبعد أن تأکد من وفاة الواثق وعاین ذلک بنفسه، لبس ثیاب الخلافة. ثم سلم علیه الحاضرون بإمرة المؤمنین. وبویع فی الیوم نفسه البیعة الخاصة ثم البیعة العامة. ثم استقر الأمر على تلقیبه بالمتوکل .