کثیرا ما یلحظ الباحث فی الأدب العربی صورة متعددة من التحام علوم العربیة وفنونها بعلوم القرآن الکریم واحکام الاسلام فی مختلف نواحی حیاة الفرد والمجتمع وذلک لاعتماد الأولى على الثانیة و استمدادها المصادر الأول والمنابع الأصیلة من جذورنا و اسسها .... فقد اثار القرآن الکریم بالفاظه ومعانیة واحکامه ونشرها فی نفوس الأدباء والعلماء الکثیر من وجوه النظر والتأمل الفروع مختلفة من المعرفة وتاریخ الأدب الأندلسی باعتباره ادبا عربیا صمیمیا فی موضوعاته واسالیبه والفاظه لم یخرج عن هذه القاعدة بل أنه عبر عنها اصادق تعبیر وانطلق منها فی أکثر الدراسات والبحوث التی تناولت جوانب الثقافة الأندلسیة فی عصور مختلفة ، و ازاء هذا کان على کل من یتصدى الدراسة هذا الادب او دراسة جانب من جوانبه أن یتوقع ظهور الصلة القویة بین العلوم الشرعیة والعلوم العربیة وتعدد الصور المعبرة عن طبیعة هذه الصلة فمن فقیه أدیب الى حدث حافظ خطیب ، او مفکر ناجح وشاعر بلیغ .... ولعل صورة الجمع بین الفقه والادب من ابرز الصور واکثرها فی تاریخ الأدب الأندلسی فلا یکاد الباحث یمضی فی تتبع ثقافة الأدیب حتى تتبین له الخطوط الأساسیة والقواعد الأولى لثقافته التی کونت شخصیته . صورة ادیب فقیه فصیح اللسان قوی البیان یعالج أمور الأدب وفنونه الى جانب معالجته الامور الشرع ومتطلبات الفقه والقضاء . على أن من نافلة القول التنویه بوجود هذه الصور فی المشرق اذ أن نظرة سریعة فی سیر الفقهاء المشارقة وما کانوا علیه من فصاحة اللسان وقوة البیان، مع العلم الوافر و الفقه الواسع والاحاطة بالاحکام والتنظیمات الشرعیة والقدرة على الاستنباط واصدار الفتیا.. کل هذا یبرز لنا هذه الحقیقة بوضوح وجلاء حتى کان أبرز الفقهاء ممن یقولون الشعر و یحفظونه ویتأثرون به فضلا عن الخطب و الرسائل وغیرها ، ومن هؤلاء فی المشرق الامام الشافعی الفقیه المشهور والأدیب وصاحب دیوان فی الشعر. و منهم فی الاندلس ابن حزم الفقیه الظاهری المعروف و صاحب کتاب طوق الحمامة فی الألفة والالاف.  فضلا عن اشعاره المتناثرة فی المصادر الأندلسیة و المشرقیة حتى عده بعض الباحثین من اعلام الشعراء الأندلسیین .