ان اظهر مایمیز دولة المدینة City - state عن الدولة القومیة او الامبراطوریة هو أن اقلیم دولة المدینة محصور بحدود مدینة واحدة . اما الدولة القولیة فیشمل اقلیمها عدة مدن وما یتبعها من قرى وضواح. بینما یمتد اقلیم الدولة الامبراطوریة فیشمل العدید من الدول والاقالیم الخاضعة لسلطة الامبراطوریة .
وتبعا لتباین حجم الاقلیم بین هذه الأنماط الثلاثة من الدول ، یتباین التعداد السکانی بینها . فیلاحظ أن تعداد سکان دولة المدینة یقل کثیرا عن تعداد سکان الدولة القومیة، وهذه الأخیرة یقل مجموع سکانها عن مجموع سکان الدولة الامبراطوریة .
ونتیجة لتلک الاختلافات فی سعة الاقلیم و تعداد السکان بین تلک الدول ، اختلفت الانظمة الاداریة و السیاسیة التی سادت فیها . ففی الوقت الذی ساعد صغر حجم الاقلیم والسکان دولة المدینة فی اثینا على اقامة نظام الدیمقراطیة المباشرة فیها ، فانه کان من المستحیل أن یکتب النجاح لمثل هذا النظام فی دولة قومیة او امبراطوریة ، لسعة الاقلیم و کثرة السکان ، وما یتطلبه ذلک من تعقید فی تنظیم الحیاة الاداریة والسیاسیة فی الدولة .
لذلک فقد اختفى نظام الدیمقراطیة المباشرة الذی کان سائدا فی اثینا بمجرد اتحادها مع غیرها من دول المدینة الیونانیة . 
هذا ویلاحظ أن دولة المدینة قد سبقت فی الظهور الانواع الاخرى من الدول . و کانت النواة الأولى التی تشکلت منها الدول القومیة ثم الدول الامبراطوریة بعد ذلک . اذ من اتحاد مجموعة دویلات المدینة نشأت الدولة القومیة . و من توسع الدولة القومیة على حساب جیرانها من دول المدن او الدول القومیة تکونت الامبراطوریات الواسعة .
وقد ساعد ظهور دول المدینة فی العالم القدیم على ظهور الحضارات وتطورها کما هو ملاحظ بالنسبة لدول المدینة فی کل من وادی الرافدین ، ووادی النیل ، وبلاد الیونان . کما أن الحیاة الاجتماعیة والسیاسیة التی ساعدت دول المدینة على توفیرها قد دفعت الفکر السیاسی و الفلسفی خطوات واسعة الى الامام مما وفر الجو لظهور فلاسفة عظماء کسقراط و ارسطو و افلاطون الذین اعتبروا معلمی الانسانیة على مدى الأجیال .