مُقدِّمةُ القَصيدةِ في (الشِّعرِ الموصليِّ في القرنِ الثاني عشر للهجرةِ)
الملخص
مقدِّمةُ القصيدةِ مقطعٌ شعريٌّ- لغويٌّ يَعلو المتنَ الموضوعيَّ ، وحقيقةٌ أدبيةٌ واقعةٌ في بَداءَاتِ القصائدِ ، يَعتني بها الشاعرُ (الموصليُّ)؛ حتى يُحسِّنَ موقعَها في ذهنِ المتلقي ، ويتوسَّلَ بها إلى موضوعِهِ الرئيسِ ، ويَسْتميلَ قارئهُ إليه بها مشحونَةً بصورٍ توقِظُ نشاطَهُ بالمتابعةِ والتواصُلِ الذهنيِّ ؛ فيدخُلُ(القارئُ) إلى المتنِ من عَتبةِ المقدِّمةِ. ويطمحُ الشاعرُ الموصليُّ بالمقدِّمةِ إلى أنْ يتوافَقَ المتلقي مع (القصيدةِ) ، قبلَ أن تتوافَقَ المقدِّمةُ مع المتنِ؛ لذلكَ لم يرفضْ (الشاعرُ الموصليُّ) المقدِّمةَ ، ولم يتخلَّ عنها, ولم يَسْتهجنْ وجودَها, ولم يتمرَّد عليها؛ بل أدركَها بدايةً حيويَّةً للمتنِ الشِّعريِّ ، وحصيلةً ثقافيَّةً- تأريخيَّةً تقومُ بوظيفةٍ تواصليَّةٍ- إغرائيَّةٍ تفتحُ شهيَّةِ القارئ على التفاعُلِ النفسيِّ والموضوعيِّ مع القصيدة. إنّ المقدِّمةَ في (الشعرِ الموصليِّ في القرن الثاني عشر للهجرة) ليستْ أُحاديَّةَ الموضوعِ؛ بل ننظرُ المقدِّماتِ تتنوَّعُ ، وتتبايَنُ من حيثُ الموضوعُ ، وعددُ الأبياتِ قلَّةً وكثرةً بمرونةٍ نظْميَّةٍ - إبداعيَّةٍ يتحوَّلُ بها الشاعرُ من مقدِّمةٍ موضوعيَّةٍ إلى سِواها قِصَرًا وطولاً ؛ حتى تكونَ المقدِّمةُ موضوعًا في ذاتِهِ – وإنْ كانت تُمهدُ لموضوعِ القصيدةِ - ومضمونًا في تضاعيفهِ؛ لها وحدةٌ موضوعيةٌ, ومُقوِّماتٌ فنيةٌ في سياقِ بناءِ (القصيدة) بناءً كليًّا؛ تتسمُ بالوضوحِ، ولا تُجاوزُهُ إلى الإبهامِ والغُموضِ، وتحيا حيثيَّاتُها ضمنَ حدودِ الذاتِ الشَّاعرةِ، وخصوصيَّتها الحركيَّةِ والفكريةِ، وتتجسَّدُ فيها عناصرُ البَوحِ والمكاشَفةِ بوَحداتٍ تترابطُ موضوعيًّا وتشكيليًّا وصولاً إلى تكاملٍ في الموضوعِ, وتناسُقٍ في البناءِ.