الفلسفة العربية الإسلامية لها مكانتها المميزة في تاريخ الفلسفة العالمية ، ولا يمكن إهمال دور الفلاسفة المسلمين في بناء صرح الفلسفة ، ناهيك عن دور العلماء المسلمين ، في ميدان العلوم وكلا الميدانيين يصبان في مسيرة المعرفة البشرية، والتي لا ترتبط بعرق دون آخر ، فهي عالمية بكل معنى الكلمة .       أعطى الكندي للفلسفة قيمة عالية ، وأكد على ضرورة الأخذ بها ، في رسالة وجهها الى الخليفة العباسي المعتصم بالله ، يقول الكندي " ان أعلى الصناعات الإنسانية منزلة ، وأشرفها مرتبة صناعة الفلسفة التي حدها : علم الأشياء بدقائقها بقدر طاقة الإنسان ، لأن غرض الفيلسوف في علمه إصابة الحق ، وفي عمله العمل بالحق. فما دامت الفلسفة اذن تصبو نحو الحقيقة فهي - أي الفلسفة - ارفع شاناً مما سواها من العلوم ، هذا ما يقرره الكندي .       بحث الكندي وعالج مواضيع فلسفية كثيرة ، إلا أن البحث في النفس يعد من أهم هذه المباحث ، وذلك لأن الخوض في موضوع النفس احتل مكانة مهمة لدى الفلاسفة الإغريق وكذلك لدى المتكلمين ، هذا من جهة اولى ، اما من الجهة الثانية فإن البحث في النفس وفي ذلك العصر تحديداً يعد أمراً صعباً وخطيراً لارتباطه بصلب العقيدة الدينية ، كما ان الكلام في النفس يقتضي علماً واسعاً بفروع المعرفة البشرية .